04 - 07 - 2025

مدينتي الفاضلة| لا لبناء كوبري البازيليك

مدينتي الفاضلة| لا لبناء كوبري البازيليك

العار على كل من نصح وأشار وخطط لإقامة كوبري شارع الأهرام، مهددا سلامة كنيسة بازيليك التاريخية، سارقا روح مصر الجديدة، مخفيا معالمها تحت كباري تتربح من محلات طعام!! لتتحول فعلا إلى مصر الغريبة!! أن يعلو كوبري حاجبا السماء والأفق المتفرد لموقع الكنيسة، فهذه جريمة تؤرخ سابقة أولى عالميا، تنافس تشويه أردوغان لآيا صوفيا!! تشويه قلب مصر الجديدة جريمة.. تغيير تاريخنا جريمة.. سكان مصر الجديدة يصرخون لوقف العمل قبل فوات الأوان، رافضين سياسة الأمر الواقع احتراما لحقوق المواطنة على الأقل!! والواقع أن كرافانات الإدارة منصوبة، ومعدات شركة المقاولين العرب في الموقع، وتبوير الحديقة الخلفية للكنيسة قائم.. أما حفر منتصف شارع الأهرام قبل اكتمال نمو الزرع الجديد بعد التوسعة فيضاعف الدهشة والغضب!! هل نمتلك رفاهية تغيير خطط وملامح نفس الموقع كل ستة أشهر!! أم هي جريمة عشوائية تخطيط، تضاف إلى جريمة تجاهل السكان وغموض خطة العمل ودوافعها.

العار لوزير السياحة، ووزير الآثار، وكل من علم وصمت وتغابى خوفا، أو جهلا، او التصاقا بكرسي الوزارة.. أما نوابنا الثلاثة بمجلس الشعب، فأقول لكم الانسحاب من المجلس أفضل من انزواء الخزي. دوركم انتهى مبكرا ومصداقيتكم -أيا كان السبب- سقطت في أول امتحان.  

لكن يظل الأسوأ هو معاملتنا وكأننا هاموش هائم في صحراء، غير مرئيين لحكومتنا أو للمحافظ أو حتى رئيس الحي!! ولا حد شايفنا، يعني غير موجودين!! وغالبا غير مرغوب فينا، لأننا طًوٍلنا القعدة في مصر الجديدة، ولم نتزحزح بالمحسوس الي مدن جديدة شيك متحضرة، ينعق فيها البوم، بعدما تكلفت مليارات!! جذبت الـ 5% الأثرياء عشاق الريف الأوربي، والهاربين من الزحام، لكن تمسك بمصر الجديدة عشاقها وكبار السن، لأن كل حجر فيها هو جار ورفيق وسند.. عاشت مصر الجديدة حاضنة كبار الطبقة المتوسطة، وبقايا الأجانب، وشاهدة على حكاوي عشق كل من احتل مصر ماعدا العثمانيين لصوص حضارتنا.. آخر العشاق كان البارون امبان، رحالة ذواقة ملياردير بلجيكى، أسرته صحراء مصر الجديدة، فأبدع تشكيلها بسخاء وفن ورؤية إنسانية فقط.. شبًت معشوقته نموذجا للإبداع ومتحفا طبيعيا شرق القاهرة، واحة سكنية بديعة لمختلف قاطنيها ومواقع خدماتهم.. بدءا من قصره الخاص إلى فندق هليوبوليس (قصر الاتحادية) إلى بواكي الكوربة وسفير وصلاح الدين، وسوق ميدان الجامع الإنساني الساحر.. تناغم معماري لقصور وبيوت، وعمارات سكن صحي دون تنافر بصري.. تخطيط واع لمواقع مدارس، فدادين للمرح وتجديد النشاط (الميريلاند)، سينما صيفي وشتوي ومسرح وسبق خيل، نوادي، مستشفى ومستوصف راهبات، كنائس وجوامع.. فواصل خضراء تظلل الحجر والبشر، ومترو يتهادى راقصا على القضبان كعربة الدندورمه.. عاشت مصر الجديدة مئة عام زادتها التجاعيد جمالا، وعمًرت عقول وقلوب، وأصبحت قطعة أنتيك ثمينة أبدعها صُنًاع مهرة لتبهج الروح، وتزهو بثرائها الإنساني المتفرد، ويلتف سكانها من حجر وبشر حول قلبها، كنيسة البازيليك فنارة مصر الجديدة التي تُشع سلاما عجيبا، وبهجة لجميع الأديان في ليال الكريسماس.. عشنا أجيالا في كنفها آمنين، أقدامنا تقودنا لأنها تحفظ دروبها ومسالكها، شوارعها الحاضنة تروينا وتدفئنا.

في عز هذا الدفء هاجمنا صقيع!! اختفت الحدائق والحوائط، وتلاشت الأسقف ونما كوبري في كل أفق!! اتسعت الشوارع وتنفست فشكرنا وبدأنا الاعتياد.. واليوم ننادي ونستغيث لأن المصاب جلل، فيعود صدى الصوت!! وكأن الحكومة انتقلت ذهنيا إلى العاصمة الإدارية، والنت فاصل!! الوزراء مشغولون بسباق الإنجازات!! وزير الآثار لم يُحدٍث بياناته!! التليفزيون يتسول نفقات زرع عدسات!!

مصر الجديدة هي البيت الواسع لكل ساكن فيها، والبازيليك قلبها وحجر أساسها، وحافظ عهودها بإطلالته على عمارة بيوتها العتيقة وبواكيها الحاضنة.. زحام شوارعها المتفرعة من قلبها، زحام عائلي، وكأنها قبيلة حصًنها التاريخ ومضى مطمئنا.

يتردد أن سفير الفاتيكان أعلن عن وجود شروخ جدارية عميقة بمبنى الكنيسة، وأن الانشاءات المزمع إقامتها هي تشويه بصري لتراث ومزار عالمي تعود ملكيته إلى دولة بلجيكا، وأنها النسخة المصغرة لآيا صوفيا ولا يوجد مثيل لها إلا في الفاتيكان.. وهذا منطق كاف للتراجع، يؤيده تشويه توابع الكوبري الاستثمارية! نستغيث بك يا ريس.
------------------------
بقلم: منى ثابت  

مقالات اخرى للكاتب

مدينتى الفاضلة | محدش يصوت..عشان الوزيرين بيزعل !!